إِنّه الزَّمن، وتلك الذكريات الجارحة تجرِّدك من حسِّك وتدفعك لتسير بقربها وتشبك ذراعك بذراعها وأَنت تفكِّر وتتساءَل: أين تلاشت تلك العاصفة الجامحة، التي حوَّلت أَيامك إلى جحيم، ودفعتك إلى حافَّة الانهيار، فقلعت خيامك وهربت؟... و"نزهة"، كانت تحسبك صريحًا وجريئًا، وتنظر إليك تلك النظرة الرفيعة، المقدِّرة؛ ولو بالكلام المعسول تسكبه في سمعك ولا تدري أنَّ ما ساقك إلى هذه النتيجة الحاضرة لم يكن الرجولة والشهامة، بل الجُبْن والخوف... وهي نطقت بالحق، حين قالت لك، في لحظة انفعال: "إنك جبان"... ولو كانت لك، بالفعل، ذرَّة من جرأَة، لأَقدمت على خطفها فأَنقَذْتَ نفسَك وأَنقَذْتَها.